الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ الْآيَةَ لَا تَوْجَلْ لَا تَخَفْ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى الْآيَةَ الشرح: قوله: (باب قوله: لا توجل: لا تخف) كذا اقتصر في هذا الباب على تفسير هذه الكلمة، وبذلك جزم الإسماعيلي وقال: ساق الآيتين بلا حديث انتهى. والتفسير المذكور مروي عن عكرمة عند ابن أبي حاتم، ولعله كان عقب هذا في الأصل بياض فحذف. وقصة أضياف إبراهيم أوردها ابن أبي حاتم من طريق السدي مبينة، وفيها أنه لما قرب إليهم العجل قالوا: إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن، قال إبراهيم: إن له ثمنا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره، قال فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا. فلما رأى أنهم لا يأكلون فزع منهم. ومن طريق عثمان بن محصن قال " كانوا أربعة: جبريل وميكائيل وإسرافيل ورفاييل " ومن طريق نوح بن أبي شداد " أن جبريل مسح بجناحيه العجل فقام يدرج حتى لحق بأمه في الدار". قوله: كذا وقع هذا الكلام لأبي ذر متصلا بالباب، ووقع في رواية كريمة بدل قوله: الحديث: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوْ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ الشرح: قوله: (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب) في رواية الطبري من طريق عمرو بن الحارث عن يونس عن الزهري " أخبرني أبو سلمة وسعيد " كذا قال يونس بن يزيد عن الزهري، ورواه مالك عن الزهري فقال " إن سعيد بن المسيب وأبا عبيدة أخبراه عن أبي هريرة " وسيأتي ذلك للمصنف قريبا، وتابع مالكا أبو أويس عن الزهري أخرجه أبو عوانة من طريقه، ورجح ذلك عند النسائي فاقتصر عليه، وكأن البخاري جنح إلى تصحيح الطريقين فأخرجهما معا، وهو نظر صحيح، لأن الزهري صاحب حديث، وهو معروف بالرواية عن هؤلاء فلعله سمعه منهم جميعا، ثم هو من الأحاديث التي حدث بها مالك خارج الموطأ واشتهر أن جويرية تفرد به عنه، ولكن تابعه سعيد بن داود عن مالك أخرجه الدار قطني في غرائب من طريقه. قوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم) سقط لفظ الشك من بعض الروايات. واختلف السلف في المراد بالشك هنا، فحمله بعضهم على ظاهره وقال: كان ذلك قبل النبوة، وحمله أيضا الطبري على ظاهره وجعل سببه حصول وسوسة الشيطان، لكنها لم تستقر ولا زلزلت الإيمان الثابت، واستند في ذلك إلى ما أخرجه هو وعبد ابن حميد وابن أبي حاتم والحاكم من طريق عبد العزيز الماجشون عن محمد بن المنكدر عن ابن عباس قال: أرجى آية في القران ومن طريق معمر عن قتادة عن ابن عباس نحوه، ومن طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس نحوه، وهذه طرق يشد بعضها بعضا وإلى ذلك جنح عطاء فروى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج " سألت عطاء عن هذه الآية قال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال ذلك " وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال " ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة توزعتها الدواب والسباع " ومن طريق حجاج عن ابن جريج قال " بلغني أن إبراهيم أتى على جيفة حمار عليه السباع والطير فعجب وقال: رب لقد علمت لتجمعنها، ولكن رب أرني كيف تحيي الموتى " وذهب آخرون إلى تأويل ذلك، فروى الطبري وابن أبي حاتم من طريق السدي قال " لما اتخذ الله إبراهيم خليلا استأذنه ملك الموت أن يبشره فأذن له " فذكر قصة معه كيفية قبض روح الكافر والمؤمن، قال " فقام إبراهيم يدعو ربه: رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أن خليلك " وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي العوام عن أبي سعيد قال " ليطمئن قلبي بالخلة " ومن طريق قيس بن مسلم عن سعيد بن جبير قال " ليطمئن قلبي أن خليلك " ومن طريق الضحاك عن ابن عباس " لأعلم أنك أجبت دعائي". ومن طريق علي بن ابن طلحة عنه " لأعلم أن تجيبني إذا دعوتك". وإلى هذا الأخير جنح القاضي أبو بكر الباقلاني، وحكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه قال: طلب إبراهيم ذلك لتذهب عنه شدة الخوف، قال ابن التين: وليس ذلك بالبين؛ وقيل كان سبب ذلك أن نمرود لما قال له ما ربك؟ قال ربي الذي يحيي ويميت، فذكر ما قص الله مما جرى بينهما، فسأل إبراهيم بعد ذلك ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى من غير شك منه في القدرة، ولكن أحب ذلك وأشتاق إليه فأراد أن يطمئن قلبه بحصول ما أراده، أخرجه الطبري عن ابن إسحاق. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال: المراد ليطمئن قلبي أنهم يعلمون أنك تحيي الموتى. وقيل معناه أقدرني على إحياء الموتى فتأدب في السؤال. وقال ابن الحصار: إنما سأل أن يحيي الله الموتى على يديه فلهذا قيل له في الجواب (فصرهن إليك) . وحكى ابن التين عن بعض من لا تحصيل عنده أنه أراد بقوله: (قلبي) رجلا صالحا كان يصحبه سأله عن ذلك، وأبعد منه ما حكاه القرطبي المفسر عن بعض الصوفية أنه سأل من ربه أن يريه كيف يحيي القلوب، وقيل أراد طمأنينة النفس بكثرة الأدلة، وقيل محبة المراجعة في السؤال. ثم اختلفوا في معنى قوله صلى الله عليه وسلم "نحن أحق بالشك " فقال بعضهم: معناه نحن أشد اشتياقا إلى رؤية ذلك من إبراهيم، وقيل معناه إذا لم نشك نحن فإبراهيم أولى أن لا يشك، أي لو كان الشك متطرفا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به منهم، وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أنه لم يشك. وإنما قال ذلك تواضعا منه، أو من قبل أن يعلمه الله بأنه أفضل من إبراهيم، وهو كقوله في حديث أنس عند مسلم " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية، قال ذاك إبراهيم " وقيل إن سبب هذا الحديث أن الآية لما نزلت قال بعض الناس: شك إبراهيم ولم يشك نبينا فبلغه ذلك فقال: نحن أحق بالشك من إبراهيم، وأراد ما جرت به العادة في المخاطبة لمن أراد أن يدفع عن آخر شيئا قال: مهما أردت أن تقوله لفلان فقله لي، ومقصوده لا تقل ذلك وقيل: أراد بقوله نحن أمته الذين يجوز عليهم الشك وأخرجه هو منه بدلالة العصمة. وقيل: معناه هذا الذي ترون أنه شك أنا أولى به لأنه ليس بشك إنما هو طلب لمزيد البيان. وحكى بعض علماء العربية أن أفعل ربما جاءت لنفي المعنى عن الشيئين نحو قوله تعالى وقال ابن عطية: ترجم الطبري في تفسيره فقال: وقال آخرون شك إبراهيم في القدرة. وذكر أثر ابن عباس وعطاء، قال ابن عطية: ومحمل قول ابن عباس عندي " أنها أرجى آية " لما فيها من الإدلال على الله وسؤال الأحياء في الدنيا، أو لأن الإيمان يكفي فيه الإجمال ولا يحتاج إلى تنقير وبحث. قال: ومحمل قول عطاء " دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس " أي من طلب المعاينة. قال وأما الحديث فمبني على نفي الشك، والمراد بالشك فيه الخواطر التي لا تثبت، وأما الشك المصطلح وهو التوقف بين الأمرين من غير مزية لأحدهما على الأخر فهو منفي عن الخليل قطعا لأنه يبعد وقوعه ممن رسخ الإيمان في قلبه فكيف بمن بلغ رتبة النبوة. قال: وأيضا فإن السؤال لما وقع بكيف دل على حال شيء من موجود مقرر عند السائل والمسئول، كما تقول كيف علم فلان؟ فكيف في الآية سؤال عن هيئة الإحياء لا عن نفس الإحياء فإنه ثابت مقرر. وقال ابن الجوزي: إنما صار أحق من إبراهيم لما عانى من تكذيب قومه وردهم عليه وتعجبهم من أمر البعث فقال: أنا أحق أن أسأل ما سأل إبراهيم، لعظيم ما جرى لي مع قومي المنكرين لإحياء الموتى ولمعرفتي بتفضيل الله لي، ولكن لا أسأل في ذلك. قوله: قوله: وقال عياض: لم يشك إبراهيم بأن الله يحيي الموتى، ولكن أراد طمأنينة القلب وترك المنازعة لمشاهدة الإحياء فحصل له العلم الأول بوقوعه، وأراد العلم الثاني بكيفيته ومشاهدته، ويحتمل أنه سأل زيادة اليقين وإن لم يكن في الأول شك لأن العلوم قد تتفاوت في قوتها فأراد الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين والله أعلم. قوله: (ويرحم الله لوطا إلخ) يأتي الكلام عليه قريبا في ترجمة لوط. قوله: (ولو لبثت في السجن طول ما لبث، يوسف لأجبت الداعي) أي أسرعت الإجابة في الخروج من السجن ولما قدمت طلب البراءة، فوصفه بشدة الصبر حيث لم يبادر بالخروج وإنما قاله صلى الله عليه وسلم تواضعا، والتواضع لا يحط مرتبة الكبير بل يزيده رفعة وجلالا، وقيل هو من جنس قوله " لا تفضلوني على يونس " وقد قيل إنه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل من الجميع، وسيأتي تكملة لهذا الحديث في قصة يوسف. *3* الشرح: قوله: (باب قول الله تعالى: واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد) تقدم في أواخر الشهادات سبب تسميته صادق الوعد. الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ قَالَ فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ قَالَ ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ الشرح: حديث سلمة بن الأكوع " ارموا بني إسماعيل " وقد تقدم شرحه في " باب التحريض على الرمي " من كتاب الجهاد، واحتج به المصنف على أن اليمن من بني إسماعيل كما سيأتي في أوائل المناقب مع الكلام عليه. قوله: (وأنا مع ابن فلان) وقع في رواية الكشميهني " وأنا مع بني فلان " وكذا هو في الجهاد، وقيل والصواب الأول لقوله في حديث أبي هريرة " وأنا مع ابن الأدرع " وقد تقدم تسمية ابن الأدرع في الجهاد، وقد تقدم كثير من أخبار إسماعيل فيما مضى قريبا. *3* فِيهِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: قوله: (قصة إسحاق بن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم) ذكر ابن إسحاق أن هاجر لما حملت بإسماعيل غارت سارة فحملت بإسحاق فوضعتا معا فشب الغلامان. ونقل عن بعض أهل الكتاب خلاف ذلك وأن بين مولدهما ثلاث عشرة سنة والأول أولى. قوله: (فيه ابن عمر وأبو هريرة) كأنه يشير بحديث ابن عمر إلى ما سيأتي في قصة يوسف، وبحديث أبي هريرة إلى الحديث المذكور في الباب الذي يليه، وأغرب ابن التين فقال: لم يقف البخاري على سنده فأرسله، وهو كلام من لم يفهم مقاصد البخاري، لأنه يستلزم أن يكون البخاري أثبت في كتابه حديثا لا يعرف له سندا ومع ذلك ذكره مرسلا، ولم تجر للبخاري بذلك عادة حتى يحمل هذا الموضع عليها، ونحوه قول الكرماني: قوله فيه - أي الباب - حديث من رواية ابن عمر في قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام فأشار البخاري إليه إجمالا ولم يذكره بعينه لأنه لم يكن بشرطه ا هـ، وليس الأمر كذلك لما بينته، والله المستعان. *3* الشرح: قوله: (باب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه الآية) أورد فيه حديث أبي هريرة " أكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله " الحديث، ومناسبته لهذه الترجمة من جهة موافقة الحديث الآية في سياق نسب يوسف عليه السلام، فإن الآية تضمنت أن يعقوب خاطب أولاده عند موته محرضا لهم على الثبات على الإسلام. وقال له أولاده إنهم يعبدون إلهه وإله آبائه إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ومن جملة أولاد يعقوب يوسف عليهم السلام، فنص الحديث على نسب يوسف وأنه ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وزاد أن الأربعة أنبياء في نسق. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا الشرح: قوله: (حدثنا إسحاق بن إبراهيم) هو ابن راهويه الإمام المشهور. قوله: (سمع المعتمر) أي أنه سمع المعتمر وهم يحذفون " أنه " خطا كما يحذفون قال خطا ولا بد من ثبوتهما لفظا. وعبيد الله هو ابن عمر العمري. قوله: (أكرمهم أتقاهم) هو موافق لقوله تعالى قوله: (قالوا يا نبي الله ليس عن هذا نسألك، قال: فأكرم الناس يوسف) الجواب الأول من جهة الشرف بالأعمال الصالحة، والثاني من جهة الشرف بالنسب الصالح. قوله: (أفعن معادن العرب) أي أصولهم التي ينسبون إليها ويتفاخرون بها، وإنما جعلت معادن لما فيها من الاستعداد المتفاوت، أو شبههم بالمعادن لكونهم أوعية الشرف كما أن المعادن أوعية للجواهر. قوله: (فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا) يحتمل أن يريد بقوله " خياركم " جمع خير، ويحتمل أن يريد أفعل التفضيل تقول في الواحد خير وأخير ثم القسمة رباعية، فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصا بالانتساب إلى الآباء المتصفين بذلك، ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعا، ثم ارفعهم مرتبة من أضاف إلى ذلك النفقة في الدين، ومقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام فهذا أدنى المراتب؛ والقسم الثالث من شرف الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية، ودونه من كان كذلك لكن لم يتفقه، والقسم الرابع من كان شريفا في الجاهلية ثم صار مشروفا في الإسلام فهذا دون الذي قبله، فإن تفقه فهو أعلى رتبة من الشريف الجاهل. *3* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ الشرح: قوله: (باب ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة - إلى قوله - فساء مطر المنذرين) يقال إنه لوط بن هاران بن تارخ وهو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقد قص الله تعالى قصته مع قومه في الأعراف وهود والشعراء والنمل والصافات وغيرها وحاصلها أنهم ابتدعوا وطء الذكور فدعاهم لوط إلى التوحيد إلى الإقلاع عن الفاحشة فأصروا على الامتناع، ولم يتفق أن يساعده منهم أحد، وكانت مدائنهم تسمى سدوم وهي بغور زغر من البلاد الشامية، فلما أراد الله إهلاكهم بعث جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى إبراهيم فاستضافوه فكان ما قص الله في سورة هود، ثم توجهوا إلى لوط فاستضافوه فخاف عليهم من قومه وأراد أن يخفي عليهم خبرهم فنمت عليهم امرأته فجاءوا إليه وعاتبوه على كتمانه أمرهم وظنوا أنهم ظفروا بهم، فأهلكهم الله على يد جبريل فقلب مدائنهم بعد أن خرج عنهم لوط بأهل بيته، إلا امرأته فإنها تأخرت مع قومها أو خرجت مع لوط فأدركها العذاب، فقلب جبريل المدائن بطرف جناحه فصار عاليها سافلها وصار مكانها بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بشيء مما حولها. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ الشرح: قوله: (يغفر الله للوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد) أي إلى الله سبحانه وتعالى، ويشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: والأول أظهر لما بيناه. وقال النووي: يجوز أنه لما اندهش بحال الأضياف قال ذلك، أو أنه التجأ إلى الله في باطنه وأظهر هذا القول للأضياف اعتذارا، وسمى العشيرة ركنا لأن الركن يستند إليه ويمتنع به فشبههم بالركن من الجبل لشدتهم ومنعتهم، وسيأتي في الباب الذي بعده تفسير الركن بلفظ آخر. *3* بِرُكْنِهِ بِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ تَرْكَنُوا تَمِيلُوا فَأَنْكَرَهُمْ وِ نَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ يُهْرَعُونَ يُسْرِعُونَ دَابِرٌ آخِرٌ صَيْحَةٌ هَلَكَةٌ لِلْمُتَوَسِّمِينَ لِلنَّاظِرِينَ لَبِسَبِيلٍ لَبِطَرِيقٍ الشرح: قوله: (باب فلما جاء آل لوط المرسلون، قال إنكم قوم منكرون) أي أنكرهم لوط. قوله: (بركنه بمن معه لأنهم قوته) هو تفسير الفراء. وقال أبو عبيدة: فتولى بركنه وبجانبه سواء، إنما يعني ناحيته. وقال في قوله: كذا أورد المصنف هذه الجملة في قصة لوط، وهو وهم فإنها من قصة موسى والضمير لفرعون، والسبب في ذلك أن ذلك وقع تلو قصة لوط حيث قال تعالى في آخر قصة لوط قوله: (تركنوا تميلوا) قال أبو عبيدة في قوله: ثم ظهر لي أنه ذكر هذه اللفظة من أجل مادة " ركن " بدليل إيراده، الكلمة الأخرى وهي " ولا تركنوا". قوله: (فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد) قال أبو عبيدة: نكرهم وأنكرهم واحد وكذلك استنكرهم، وهذا الإنكار من إبراهيم غير الإنكار من لوط، لأن إبراهيم أنكرهم لما لم يأكلوا من طعامه، وأما لوط فأنكرهم لما لم يبالوا بمجيء قومه إليهم، ولكن لها تعلق مع كونها لإبراهيم بقصة لوط. قوله: (يهرعون يسرعون) قال أبو عبيدة: يهرعون إليه أي يستحثون إليه، قال الشاعر بمعجلات نحوهم نهارع أي نسارع. وقيل معناه يزعجون مع الإسراع. قوله: (دابر آخر) قال أبو عبيدة في تفسير قوله: قوله: (صيحة هلكة) هو تفسير قوله: قوله: (للمتوسمين للناظرين) قال الفراء في قوله تعالى وقال أبو عبيدة أي المتبصرين المتثبتين. قوله: (لبسبيل لبطريق) هو تفسير أبي عبيدة؛ والضمير في قوله " إنها " يعود على مدائن قوم لوط، وقيل يعود على الآيات. (تنبيهان) : أحدهما هذه التفاسير وقعت في رواية المستملي وحده. (ثانيهما) : أورد المصنف عقب هذا قصة ثمود وصالح، وقد قدمتها في مكانها عقب قصة عاد وهود، وكأن السبب في إيرادها أنه لما أورد التفاسير من سورة الحجر كان آخرها قوله: (وإنها لبسبيل مقيم، إن في ذلك لآيات للمتوسمين، وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين، فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين، ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين إلخ) فجاءت قصة ثمود وهم أصحاب الحجر في هذه السورة تالية لقصة قوم لوط وتخلل بينهما قصة أصحاب الأيكة مختصرة فأوردها من أوردها على ذلك، وقد قدمت الاعتذار على ذلك فيما مضى. الحديث: حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ الشرح: حديث عبد الله وهو ابن مسعود قال " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: فهل من مدكر " يعني بالدال المهملة، وسيأتي بيان ذلك في تفسير القمر. *3* كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْحِجْرُ مَوْضِعُ ثَمُودَ وَأَمَّا حَرْثٌ حِجْرٌ حَرَامٌ وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ وَالْحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ وَمَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ الْبَيْتِ حِجْرًا كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ الْحِجْرُ وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ حِجْرٌ وَحِجًى وَأَمَّا حَجْرُ الْيَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ الشرح: قوله: (باب قول الله تعالى: وإلى ثمود أخاهم صالحا - وقوله - كذب أصحاب الحجر) هو صالح بن عبيد بن أسيف بن ماشخ بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وكانت منازلهم بالحجر، وهو بين تبوك والحجاز. قوله: (الحجر موضع ثمود، وأما حرث حجر: حرام) هو تفسير أبي عبيدة، قال في قوله تعالى: قوله: (وكل ممنوع فهو حجر، ومنه حجرا محجورا) قال أبو عبيدة في قوله تعالى: قوله: (والحجر كل بناء بنيته، وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر، ومنه سمي حطيم البيت حجرا) قال أبو عبيدة: ومن الحرام سمي حجر الكعبة. وقال غيره: سمي حطيما لأنه أخرج من البيت وترك هو محطوما، وقيل: الحطيم ما بين الركن والباب سمي حطيما لازدحام الناس فيه. قوله: (كأنه مشتق من محطوم) أي الحطيم (مثل قتيل من مقتول) وهذا على رأي الأكثر، وقيل: سمي حطيما لأن العرب كانت تطرح فيه ثيابها التي تطوف فيها وتتركها حتى تتحطم وتفسد بطول الزمان، وسيأتي هذا فيما بعد عن ابن عباس، فعلى هذا هو فعيل بمعنى فاعل، وقيل: سمي حطيما لأنه كان من جملة الكعبة فأخرج عنها وكأنه كسر منها فيصح لهم فعيل بمعنى مفعول، وقوله: " مشتق " ليس هو محمولا على الاشتقاق الذي حدث اصطلاحه. قوله: (ويقال للأنثى من الخيل حجر، ويقال للعقل حجر وحجي) هو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى: (لذي حجر) أي عقل، قال ويقال للأنثى من الخيل حجر. قوله: (وأما حجر اليمامة فهو المنزل) ذكره استطرادا، وإلا فهذا بفتح أوله هي قصبة اليمامة البلد المشهور بين الحجاز واليمن. الحديث: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ قَالَ انْتَدَبَ لَهَا رَجُلٌ ذُو عِزٍّ وَمَنَعَةٍ فِي قَوْمِهِ كَأَبِي زَمْعَةَ الشرح: حديث عبد الله بن زمعة في ذكر عاقر الناقة. قوله: (ومنعة) بفتح الميم والنون والمهملة. قوله: (في قومه) كذا للأكثر، وللكشميهني والسرخسي " في قوة". قوله: (كأبي زمعة) هو الأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، وسيأتي بيان ذلك في التفسير حيث ساقه المصنف مطولا، وليس لعبد الله بن زمعة في البخاري غير هذا الحديث، وهو يشتمل على ثلاثة أحاديث وقد فرقها في النكاح وغيره، وعاقر الناقة اسمه قدار بن سالف، قيل: كان أحمر أزرق أصهب. وذكر ابن إسحاق في " المبتدأ " وغير واحد أن سبب عقرهم الناقة أنهم كانوا اقترحوها على صالح عليه السلام فأجابهم إلى ذلك بعد أن تعنتوا في وصفها، فأخرج الله له ناقة من صخرة بالصفة المطلوبة، فآمن بعض وكفر بعض، واتفقوا على أن يتركوا الناقة ترعى حيث شاءت وترد الماء يوما بعد يوم، وكانت إذا وردت تشرب ماء البئر كله، وكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم للغد، ثم ضاق بهم الأمر في ذلك فانتدب تسعة رهط - منهم قدار المذكور فباشر عقرها، فلما بلغ ذلك صالحا عليه السلام أعلمهم بأن العذاب سيقع بهم بعد ثلاثة أيام. فوقع كذلك كما أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه. وأخرج أحمد وابن أبي حاتم من حديث جابر رفعه " إن الناقة كانت ترد يومها فتشرب جميع الماء ويحتلبون منها مثل الذي كانت تشرب " وفي سنده إسماعيل بن عياش وفي روايته عن غير الشاميين ضعف وهذا منها. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ بْنِ حَيَّانَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ الْحِجْرَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا فَقَالُوا قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُهَرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ وَيُرْوَى عَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ وَأَبِي الشُّمُوسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِلْقَاءِ الطَّعَامِ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اعْتَجَنَ بِمَائِهِ الشرح: حديث ابن عمر في بئر ثمود: قوله: (حدثنا سليمان) هو ابن بلال. قوله: (فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهرقوا ذلك الماء) بين في رواية نافع عقب هذا عن ابن عمر أنه أمرهم أن يهريقوا ما استقوا من بيارها وأن يعلفوا الإبل العجين. قوله: (ويروى عن سبرة بن معبد وأبي الشموس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإلقاء الطعام) أما حديث سبرة بن معبد فوصله أحمد والطبراني من طريق عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد عن أبيه عن جده سبرة - وهو بفتح المهملة وسكون الموحدة - الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين راح من الحجر: من كان عجن منكم من هذا الماء عجينه أو حاس به حيسا فليلقه " وليس لسبرة بن معبد في البخاري إلا هذا الموضع، وقد أغفله المزي في الأطراف كالذي بعده، وأما حديث أبي الشموس - وهو بمعجمة ثم مهملة وهو بكري لا يعرف اسمه - فوصل حديثه البخاري في " الأدب المفرد " والطبراني وابن منده من طريق سليم بن مطير عن أبيه عنه قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك - فذكر الحديث وفيه - فألقى ذو العجين عجينه وذو الحيس حيسه " ورواه ابن أبي عاصم من هذا الوجه وزاد " فقلت يا رسول الله قد حسيت حيسة أفألقمها راحلتي؟ قال نعم". قوله: (وقال أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: من اعتجن بمائه) وصله البزار من طريق عبد الله بن قدامة عنه " أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتوا على واد فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم بواد ملعون فأسرعوا. وقال: من اعتجن عجينه أو طبخ قدرا فليكبها " الحديث وقال: لا أعلمه إلا بهذا الإسناد. الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ ثَمُودَ الْحِجْرَ فَاسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَاعْتَجَنُوا بِهِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ بِئْرِهَا وَأَنْ يَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ تَابَعَهُ أُسَامَةُ عَنْ نَافِعٍ الشرح: قوله في آخر حديث نافع (وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كان تردها الناقة) في رواية الكشميهني " التي كانت تردها الناقة " وتضمنت هذه الرواية زيادة على الروايات الماضية. وسئل شيخنا الإمام البلقيني: من أين علمت تلك البئر؟ فقال: بالتواتر، إذ لا يشترط فيه الإسلام انتهى. والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها بالوحي، ويحمل كلام الشيخ على من سيجيء بعد ذلك. وفي الحديث كراهة الاستقاء من بيار ثمود، ويلتحق بها نظائرها من الآبار والعيون التي كانت لمن هلك بتعذيب الله تعالى على كفره. واختلف في الكراهة المذكورة هل هي للتنزيه أو للتحريم؟ وعلى التحريم هل يمتنع صحة التطهر من ذلك الماء أم لا؟ وقد تقدم كثير من مباحث هذا الحديث في " باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب " من أوائل الصلاة. قوله: (تابعه أسامة) يعني ابن زيد الليثي (عن نافع) أي عن ابن عمر، روينا هذه الطريق موصولة في حديث حرملة عن ابن وهب قال: " أخبرنا أسامة بن زيد " فذكر مثل حديث عبيد الله وهو ابن عمر العمري وفي آخره " وأمرهم أن ينزلوا على بئر ناقة صالح ويستقوا منها". الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ الشرح: قوله: (حدثنا محمد) هو ابن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك. قوله: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا) زاد في رواية الكشميهني. " أنفسهم " وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم وإن كان السبب ورد فيهم. الحديث: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ الشرح: قوله (حدثنا وهب) هو ابن جرير بن حازم ويونس هو ابن يزيد الأيلي. قوله: (إلا أن تكونوا باكين) كذا للجميع، لكن زعم ابن التين أنه وقع في رواية القابسي " إلا أن تكونوا باكيين " بتحتانيتين قال: وليس بصحيح لأن الياء الأولى مكسورة في الأصل فاستثقلت الكسرة وحذفت إحدى الياءين لالتقاء الساكنين. قوله: (أن يصيبكم ما أصابهم) أي كراهية أو خشية أن يصيبكم، والتقدير عند الكوفيين لئلا يصيبكم، ويؤيد الأول أنه وقع في رواية لأحمد " إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم". وروى أحمد والحاكم بإسناد حسن عن جابر قال: " لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح، وكانت الناقة ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، وكانت تشرب يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله وهو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه " وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: أبو رغال هو الجد الأعلى لثقيف، وهو بكسر الراء وتخفيف الغين المعجمة. (تنبيه) : وقع هذا الباب في أكثر نسخ البخاري متأخرا عن هذا الموضع بعدة أبواب، والصواب إثباته هنا، وهذا مما يؤيد ما حكاه أبو الوليد الباجي عن أبي ذر الهروي أن نسخة الأصل من البخاري كانت ورقا غير محبوك، فربما وجدت الورقة في غير موضعها فنسخت على ما وجدت فوقع في بعض التراجم إشكال بحسب ذلك، وإلا فقد وقع في القرآن ما يدل على أن ثمود كانوا بعد عاد كما كان عاد بعد قوم نوح. *3* الشرح: قوله: (باب قول الله تعالى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) اسم إخوة يوسف: روبيل بضم الراء وسكون الواو وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام وهو أكبرهم، وشمعون بالشين المعجمة، ولاوي، ويهوذا، وداني، ونفتالي بفاء ومثناة، وكاد، وأشير وأيساجر، ورايلون، وبنيامين وهم الأسباط. وقد اختلف فيهم فقيل: كانوا أنبياء، ويقال لم يكن فيهم نبي وإنما المراد بالأسباط قبائل من بني إسرائيل، فقد كان فيهم من الأنبياء عدد كثير. الحديث: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الشرح: حديث أبي هريرة في " أكرم الناس " أي أصلا، ذكره من وجهين عن عبد الله بن عمر. ثانيهما: قال فيه: " أخبرنا محمد بن سلام أخبرني عبدة " وهو ابن سليمان. ووقع في " المستخرج " لأبي نعيم أن البخاري أخرجه عن عثمان بن أبي شيبة عن عبدة فالله أعلم، وقد تقدم شرحه قريبا. الحديث: حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا مُرِي أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَتْ إِنَّهُ رَجُلٌ أَسِيفٌ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ رَقَّ فَعَادَ فَعَادَتْ قَالَ شُعْبَةُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ الشرح: حديث عائشة " مروا أبا بكر فليصل بالناس " وقد تقدم شرحه في أبواب الإمامة، وأورده هنا مختصرا، والغرض منه قوله: " إنكن صواحب يوسف". الحديث: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ كَذَا فَقَالَ مِثْلَهُ فَقَالَتْ مِثْلَهُ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ فَأَمَّ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ حُسَيْنٌ عَنْ زَائِدَةَ رَجُلٌ رَقِيقٌ الشرح: وقوله في أول الإسناد " حدثنا الربيع بن يحيى " في رواية أبي ذر بغير ألف ولام، وزاد في رواية كريمة " البصري " ووقع في نسخة " حدثنا النضر حدثنا زائدة " وهو غلط فاحش تصحيف من " البصري " وقد تقدم ذكر مناسبته هناك، وقد قص الله تعالى قصة يوسف مطولة في سورة لم يذكر فيها قصة لغيره، وقد روى ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا " رحم الله يوسف، لولا الكلمة التي قالها - اذكرني عند ربك - ما لبث في السجن ما لبث" الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ الشرح: حديث أبي هريرة في الدعاء عند الرفع من الركوع " اللهم أنج المستضعفين " وقد تقدم شرحه في الصلاة أيضا، والغرض منه قوله: " اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " المراد بسني يوسف ما قصه الله من ذكر السنين المجدبة في زمانه، ويقال اسم الملك الذي رأى الرؤيا الريان بن الوليد من ذرية لاوذ بن سام بن نوح. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ هُوَ ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ الشرح: حديث أبي هريرة في ذكر لوط ويوسف، وقد تقم في ترجمة إبراهيم. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ رُومَانَ وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ عَمَّا قِيلَ فِيهَا مَا قِيلَ قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ عَائِشَةَ جَالِسَتَانِ إِذْ وَلَجَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَهِيَ تَقُولُ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ وَفَعَلَ قَالَتْ فَقُلْتُ لِمَ قَالَتْ إِنَّهُ نَمَى ذِكْرَ الْحَدِيثِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَيُّ حَدِيثٍ فَأَخْبَرَتْهَا قَالَتْ فَسَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ نَعَمْ فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا لِهَذِهِ قُلْتُ حُمَّى أَخَذَتْهَا مِنْ أَجْلِ حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ فَقَعَدَتْ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لَا تُصَدِّقُونِي وَلَئِنْ اعْتَذَرْتُ لَا تَعْذِرُونِي فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ الشرح: حديث أم رومان والدة عائشة في قصة الإفك، أو رده لقول عائشة فيه: " فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه " وسيأتي في تفسير النور في سياق قصة الإفك عن عائشة بلفظ " والتمست اسم يعقوب فلم أجده، فقلت: ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف " ويأتي الكلام على ما قيل في هذا الإسناد من التعليل بالانقطاع، والجواب عنه في غزوة بني المصطلق من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتِ قَوْلَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا أَوْ كُذِبُوا قَالَتْ بَلْ كَذَّبَهُمْ قَوْمُهُمْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ فَقَالَتْ يَا عُرَيَّةُ لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ قُلْتُ فَلَعَلَّهَا أَوْ كُذِبُوا قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا وَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ قَالَتْ هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمْ الْبَلَاءُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمْ النَّصْرُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَتْ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ اسْتَيْأَسُوا اسْتَفْعَلُوا مِنْ يَئِسْتُ مِنْهُ مِنْ يُوسُفَ لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ الشرح: حديث عائشة في تفسير قوله تعالى: قوله: (استيأسوا استفعلوا من يئست، منه من يوسف) وقع في كثير من الروايات " افتعلوا " والصواب الأول. وفي تفسير ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق (فلما استيأسوا) أي لما حصل لهم اليأس من يوسف. قوله: (ولا تيأسوا من روح الله معناه من الرجاء) وروى ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن بشير عن قتادة " لا تيأسوا من روح الله أي من رحمة الله". (تنبيه) : مطابقة هذا الحديث للترجمة وقوع الآية في سورة يوسف ودخوله هو في عموم قوله: الحديث: أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلَام الشرح: حديث ابن عمر " الكريم ابن الكريم " الحديث تقدم شرحه قبل هذا. وعبدة شيخ المصنف هو ابن عبد الله المروزي، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث، وعبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمْ السَّلَام الشرح: قوله: (باب أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) كذا ثبت هذه الترجمة هنا وهي مكررة كما سبق قريبا، والصواب أن حديثها تلو حديث الباب الذي يليها وهي من قصة يوسف عليه السلام، وقوله "أخبرنا عبد الصمد " هو ابن عبد الوارث. قوله: (يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) وفي رواية الطبراني من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه " يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله " وله من حديث ابن عباس " قالوا يا رسول الله من السيد؟ قال: يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله، قالوا: فما في أمتك سيد؟ قال رجل أعطي مالا حلالا ورزق سماحة " وإسناده ضعيف.
|